ممر التعمير في الصحراء الغربية وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال المقبلة في مصر

بقلم‏:‏ د‏.‏ فــاروق الـــباز

مدير مركز أبحاث الفضاء
بجامعة بوسطن الأمريكية
أستاذ غير متفرغ بجامعة عين شمس



يعيد هذا المقال طرح مقترح كنت قد قدمته منذ سنوات بغرض إنشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتي بحيرة ناصر في الجنوب وعلي مسافة تتراوح بين‏10‏ و‏80‏ كيلو مترا غرب وادي النيل‏,‏ يفتح هذا الممر آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مسافة تصل الي‏2000‏ كيلو متر‏.‏ ولأن مصر في حاجة ماسة الي مخرج من الوضع الاجتماعي الصعب في الوقت الحالي بالذات‏,‏ فإنني أعيد طرح المقترح علهيتم النظر فيه بجدية‏,‏ وربما للتنفيذ بأموال مستثمرين من القطاع الخاص الوطني أولا ثم العربي ثانيا ثم العالمي ثالثا‏.‏

يعتبر النقل من أساسيات التقدم والازدهار علي مر العصور ونحن نعلم ان قيام الدولة المصرية القديمة منذ اكثر من خمسة آلاف عام اعتمد علي النيل كطريق يربط شمالها بجنوبها حيث كانت تنتقل من خلاله الناس والاخبار والغذاء والمنتجات والبضائع ورجال الأمن وجامعو الضرائب وكل ما يمثل كيان الدولةوسر بقائها كذلك اعتمد الاغريق والرومان والعرب علي تسهيل وتأمين النقل فيجميع أرجاء حضارتهم‏.‏ وفي العصر الحالي نمت اوروبا الحديثة بعد انشاء شبكات الطرق السريعة فيها‏,‏ وكذلك تفوقت امريكا علي باقي العالم الغربيباستخدام ثرواتها الطبيعية أحسن استخدام‏,‏ مما استدعي إنشاء شبكة متميزةمن السكك الحديدية والطرق في جميع أرجائها‏.‏

وبالنسبة لنا في مصر لا يصح إنشاء شبكة جديدة في وادي النيل والدلتا لأنفي ذلك اعتداء علي الأرض الزراعية المعتدي عليها أصلا نتيجة النمو الكبير للكتل السكانية العشوائية وغير المرخص لها في اغلب الاحيان‏..‏ هذهالاراضي الخصبة رسبها نهر النيل العظيم علي مدي ملايين السنين‏.‏ ولقدتكدس سكان مصر في مساحة محدودة منها نتيجة الزيادة المستمرة في عددالسكان‏,‏ ولا يعقل ان نستمر في العيش علي‏5%‏ من مساحة ارضنا معالاستمرار في البناء فوق التربة الزراعية لذلك فلابد من فتح آفاق جديدةللتوسع العمراني والزراعي والتجاري خارج نطاق وادي النيل الضيق‏.‏

يؤهل المقترح الحالي إضافة الي تسهيل النقل بين اطراف الدولة‏,‏ الحد من التوسع العمراني في وادي النيل والدلتا بفتح آفاق جديدة للنمو بالقرب منالتجمعات السكانية الكبري ومجالات لا حصر لها في استصلاح اراضي صحراويةوإنشاء مشاريع جديدة للتنمية في مجالات الصناعة والتجارة والسياحة‏,‏ كمايعطي المقترح املا جديدا لأجيال المستقبل باستخدام احد عناصر الثروةالطبيعية واقربها الي التجمعات السكانية الحالية وهو الشريط المتاخم لواديالنيل في الصحراء الغربية‏.‏

لقد اختير هذا الجزء من الصحراء الغربية بناء علي خبرة في تضاريس مصروإمكاناتها التنموية ويتكون الشريط المتاخم لوادي النيل من هضبة مستويةبميل بسيط من الجنوب الي الشمال بموازاة النيل‏,‏ ولا تقطع المنطقة أودية تهددها السيول كما هو الحال في شرق النيل‏,‏ كذلك تتواجد مساحات شاسعة من الاراضي التي يسهل استصلاحها لإنتاج الغذاء إضافة الي احتمالات وجود المياه الجوفية‏,‏ هذا الشريط بالذات تقل فيه الرمال ولا تتقاطع معه خطوط الكثبان الرملية‏,‏ وكما هو الحال في باقي الصحراء الغربية تشتد اشعةالشمس والرياح مما يسمح باستخدام هذه المصادر للطاقة المتجددة في المستقبل‏.‏


بناء علي ما تقدم يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء ما يلي‏:‏
‏1‏ـ طريق رئيسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الاسكندرية ويستمر حتي حدود مصر الجنوبية بطول‏1200‏ كيلو متر تقريبا

‏2‏ـ اثنا عشر فرعا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني علي طول مساره بطول كلي نحو‏800‏ كيلو متر‏.‏

‏3‏ـ شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي

‏4‏ـ انبوب ماء من بحيرة ناصر جنوبا وحتي نهاية الطريق علي ساحل البحر المتوسط‏

5ـ خط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية‏.‏